[b][b][size=29]أدوات التربيــــــة:
ويجب
هنا أن نؤكد على شيئين: العقل والقلب؛ فهما أداتا التربية، إن فقدت أحدهما
فقدت التوازن المطلوب، والمقصود بالعقل هو استخدام منهج منطقي وعملي
لتعليم أطفالك، أو بعبارة أخرى: استخدام مهارات معينة لتغيير سلوك أطفالك،
أما المقصود بالقلب فهو أن تحب طفلك حبًا غير مشروطًا، مع العلم بأنه لا
يمكن لأي من هذين الشيئين أن يعمل وحده دون الآخر، لهذا عليك بالجمع بين
الاثنين معًا وسوف يصبح لديك مزيج قوي فعال.
لماذا نربي أبناءنا؟!
الهدف الأول:
هو
"إعداد السفينة"، فكما أن السفينة تُصنع كلها كاملة وتُجهز بكل ما يمكنها
من السير في البحر، ثم بعد ذلك توضع في فترة اختبار؛ فإن نجحت في اختبارها
نزلت إلى الماء لتكابد الأمواج والأعاصير حتى تصل إلى الشاطئ الذي تنشد.
وكذلك
ابنك عزيزي المربي، فأنت تقوم بصياغة قيمه وأخلاقه وإيمانه، وتعلمه مهارات
التعامل مع الحياة، ثم بعد ذلك تتركه في فترة اختبار في محيط العائلة
الكبير والمدرسة؛ فإن نجح خرج إلى الحياة ليشق فيها طريقه إلى السعادة
الدنيوية والأخروية.
فيعيش
عيشة هنيئة في الحاضر، ويقدر على الإعداد لمستقبل زاهر، فالحياة معاناة
واقع يمكن أن يكون مليئًا بالمشكلات التي يحتاج الإنسان إلى مواجهتها،
وإلا تراكمت عليه فأحالت حياته إلى واقع غير محتمل أو غير معقول، بل غير
ممكن على الإطلاق.
الهدف الثاني:
هو
"وولد صالح يدعو له"؛ وهذا ما ذكره الغزالي رحمه الله في إحيائه: (أن يبقى
بعده ولدًا صالحًا يدعو له، والصلاح هو الغالب على أولاد ذوي الدين لاسيما
إذا عزم على تربيته وحمله على الصلاح)، وكما قال الله تعالى: ((وألحقنا
بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء)) [الطور:21]، وقال صلى الله عليه
وسلم: ((إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية, وعلم ينتفع
به, وولد صالح يدعو له)) [صححه الألباني].
هل تقوم بالتربية أم بالتنظيم:
إن
كثيرًا من الآباء والأمهات أصبحوا اليوم أفضل من السابق في تنظيم أمور
أطفالهم بالمقارنة مع تربيتهم لهم، فالتنظيم: هو مساعدة أطفالنا على
القيام بما يستطيعون القيام به، وتحقيق ما يستطيعون تحقيقه، وهو يتراوح
بين إدخالهم الحضانة المناسبة عندما يكونوا في الرابعة من العمر حتى
التحاقهم بالكلية المناسبة عندما يبلغون الثامنة عشرة، وتعليمهم الرياضة
والعلوم المختلفة، واشتراكهم في النوادي...
ولكن
هل قمنا من خلال كل هذا التنظيم، بما يكفي من التربية؟ إن التربية شيء
نقوم به بقلوبنا وعقولنا، وهي تضيف الالتزام إلى المواعيد، والمديح إلى
التحفيز، والدفء إلى الضوء، كما أنها تساعدنا في معرفة أبنائنا لتمكينهم
من الوصول إلى درجات أفضل.
تنبيهات قبل البداية:
· لا للمثالية:
كلنا يعرف أنه ليس هناك ما يسمى بالآباء أو الأطفال المثاليين، فنحن نعيش
في عالم يفتقر إلى الكمال دائمًا، ولا بد أن نرتكب أخطاء مهما حاولنا ألا
نفعل. فيجب أن تتوقع بعض الأخطاء والمشاكل، ويجب أن تفهم أن الأمر يستغرق
وقتًا وجهدًا، شجع نفسك حين تتغلب على مشكلة مع أحد أطفالك، ولتعلم أيها
المربي الفاضل أنه لا يوجد علاج سحري لمشكلاتك إنما هي المثابرة والدأب.
· لا تبخل بوقتك:
إن هناك عنصرًا أساسيًا من عناصر التربية تعتمد عليه كل المهارات
التربوية؛ ألا وهو قضاء وقت مع أطفالك، فلن يمكنك تعليمهم أي شيء إلا إذا
كنت متواجدًا معهم، وبالمثل لن تستطيع الاستمتاع بالدفء العائلي إلا إذا
قضيتم الوقت معًا، وهذا شيء ضروري لا جدال فيه، كما أنه يزيد من أواصر
الصلة بين أفراد الأسرة ويجعلهم أسرة واحدة متماسكة.
· لا تيأس:
وهذه ملحوظة عن عملية التغيير، فالتغيير يحتاج الكثير من الوقت،
فالسلوكيات التي يظهرها أطفالك الآن تعتبر نتاجًا لكل خبرات التعلم التي
واجهوها في حياتهم، لذا فإن اكتساب سلوكيات جديدة لن يحدث بين عشية
وضحاها، إن الأمر أشبه بإعادة تخطيط منزل، حيث تعيش وسط كثير من الأتربة
والقاذورات قبل أن تسير الأمور كما تريدها، قد تشعر في بعض الأحيان برغبة
في التخلي عن الأمر قائلاً: (وما الفائدة؟)، ولكننا نحثك على ألا تفعل
ذلك، فكما هو الحال مع إعادة تخطيط المنزل، فإن بإمكانك أن تكمل مهمتك من
خلال الصبر والعمل الجاد والمثابرة.
خاتمة:
ولتعلم
عزيزي المربي في الختام أن أبناءنا كالشتلات الخضراء الغضة الصغيرة
الموجودة في المشتل المحمي، وهي يمكن أن تتشابه فيما بينها لكنها في
الواقع إما أن تكون شتلة بلوط أو شتلة صنوبر أو شتلة تفاح، ونحن لا نقوم
بتشكيلها ولكنا نحاول اكتشاف ما هيتها، وتعلم احتياجاتها، وتقديم كمية
الماء وضوء الشمس والسماد المناسبة لكل منها، بالقدر الذي تحتاجه،
لمساعدتها على النمو والوصول إلى أفضل شكل جُبلت عليه.[/size][/b][/b]