ثمة أدلة تاريخية تثبت مشاركة المرأة مشاركة فعالة في الحياتين العلمية والدينية.
إذ يسجل لنا التاريخ أسماء العديد ممن اشتغلن بالنحو ونظم الشعر. أما من اشتغلن بالفقه والحديث فعددهن لا يحصى.
ويكفينا أن نشير إلى فاطمة بنت عباس شيخة رباط البغدادية، التي لقبها
المؤرخ المقريزي "بسيدة نساء زمانها"، وذكر أنها كانت فقيهة وافرة العلم.
كما اشتهرت بعض النساء في الحديث بصحيح البخاري في قلعة الجبل.
كما أن كثير من فقهاء عصر المماليك سمعوا من بعض السيدات الشهيرات اللائي
أجازت لهم. كما يذكر المؤرخ السخاوي كيف تزاحم طلبة العلم على أنس بنت عبد
الكريم في عصره. وهذا المؤرخ نفسه أورد في كتابه "الضوء اللامع في أعيان
القرن التاسع" جزءاً كاملاً فيه ما يزيد عن الألف ترجمة " سيرة ذاتية "
لنساء عشن في القرن التاسع الهجري 15م.
وقبل ذلك في عصر الولاة، قدمت إلى مصر السيدة نفيسة، وهي من آل بيت النبي
صلى الله عليه وسلم، وكانت تلقي دروساً دينية في بيتها وقد أحبها أهل مصر
حباً جماً.
ومن أشهر النساء في تاريخ مصر الإسلامية، الست مسكة، وكانت من جواري
الناصر محمد ابن قلاوون. ولكنها لعبت دوراً هاماً في الحياة الاجتماعية
وتولت تربيته منذ صغره. وقد أنشأت الست مسكة مسجداً للصلاة وتعلم الفقه
الإسلامي في منطقة السيدة زينب.
وخوند طوغاي، زوجة الناصر محمد بن قلاوون، والتي كانت من إمائه فأعتقها
وتزوجها. وكانت بديعة الحسن، كما أنها أم الأمير أنوك، والتي استمرت
عظمتها حتى بعد موت الناصر محمد بن قلاوون، واتصفت بكثرة البر والصدقات،
بل انها جهزت كل جواريها. فقد أنشأت خانقاة وجعلت بها مساكن للصوفية حيث
يتعلمون ويعيشون، ووقفت على ذلك أوقفاً وجعلت من جملته خبزاً يفرق على
الفقراء. وجعلت على قبر ابنها بالمدرسة الناصرية بالنحاسين قراء.
أما السيدة خوند بركة، أم السلطان شعبان وزوجة الأمير ألجاي اليوسفي،
والتي كانت إحدى أشهر سيدات العصر المملوكي، وكانت تتمتع بالأبهة
والفخامة. فينسب إليها مدرسة عظيمة بالقرب من قلعة الجبل (مدرسة أم
السلطان شعبان). ونظمت بها دروساً للمذهب الشافعي والحنفي. وعلى باب
المدرسة سبيل وحوض لسقي الدواب. ودفنت بقبتها بالمدرسة مع ابنها السلطان
شعبان بعد موته.